Géographie & Aménagement

الجغرافيا والتهيئة Géographie et Aménagement

Post Top Ad

الأربعاء، 13 ديسمبر 2017

إشكالية تنظيم واستغلال الملك العمومي الحضري  بالمراكز الحديثة النشأة   (الجزء الثاني)

إشكالية تنظيم واستغلال الملك العمومي الحضري
 بالمراكز الحديثة النشأة
 بلدية بومالن دادس نموذجا (إقليم تنغير)

الجزء الثاني

 4- التجارة غير المموقعة، مظهر من مظاهر العشوائة بمركز المدينة
 يصنف كل استغلال غير قانوني للملك العمومي بشكل مؤقت أو دائم، لغرض عرض سلع أو مواد، أو خدمات للبيع فوق أملاك غير مخصصة لهذه الأغراض، سواء عن طريق استعمال دراجة نارية أو عادية أو بواسطة بهيمة أو عربة ذات محرك أو مجرورة باليد أو يحمل بضاعة بيده، دون الترخيص المسبق لذلك من طرف الجهات المعنية، -يصنف- في ظاهرة الباعة المتجولين (العزوزي عبد الاله، 2009). وهي تجارة غير مهيكلة وغير مموقعة أضحت مهنة العديد من الشباب، إذ يصل تعدادهم على المستوى الوطني، حسب إحصائيات وزارة التجارة، إلى حوالي 270 ألف شخص، يعيلون حوالي مليون ونصف نسمة، ويروجون رقم معاملات سنوي يبلغ 45 مليار درهم.
أما على المستوى المحلي لبومالن دادس، فإن الإحصائيات غير متوفرة، ولتجاوز هذا الوضع قمنا بإحصاء هذه الفئة في الميدان، وتمكنا إلى تِعداد حوالي 30 بائعا متجول خلال فصل الشتاء، وأزيد من 70 آخرين خلال فصل الصيف. والملاحظ أن هذا التبيان الواضح في الأعداد بين الفصلين السابقين، يجد تفسيره في توافدهم بنسب مختلفة من مناطق متعددة، وعلى وجه التحديد من زكورة وقلعة السراغنة.
والواقع أن قدوم هؤلاء لممارسة هذا النوع من التجارة بالمدينة له مبررات أساسية نذكر منها:
- اعتدال مناخ الجماعة بالمقارنة مع مناطق الانطلاق التي تتميز بشدة الحرارة.
- توفر محلات للسكن يتم كرائها بأثمنة جد مناسبة (يتم كرائها جماعيا).
- استغلال عودة المهاجرين من أبناء المنطقة لقضاء عطلة الصيف أو الأعياد مما يخلق رواجا تجاريا مثاليا.
- هامشية المنطقة، واعتبارات أخرى أمنية واجتماعية وانتخابية، تجعل تدخل المسؤولين المحليين لتصحيح الوضعية ضعيفا أو مستبعدا.
وقد مكن تشخيص ميداني تركز حول التجارة غير المموقعة من تعرف بعض خصائص الباعة المتجولين الذين يحتلون الأرصفة والساحات العمومية بمدينة بومالن دادس، ومن أبرزها:
أولا: غالبية الباعة المتجولين تتراوح أعمارهم ما بين 20 و 30 سنة
شكل رقم 1: توزيع الباعة المتجوليين حسب الفئات العمرية ببومالن دادس.

بحث ميداني: يناير 2014.
شكل رقم 2: الأصول الجغرافية للباعة المتجولين.


بحث ميداني: يناير 2014.

يتضح أن ما يقرب نصف الباعة المتجولين ينتسبون للفئة العمرية المتراوحة بين 20 و30 سنة، بنسبة تصل إلى حوالي %46,15، في حين أن %33,77 منهم تتراوح أعمارهم بين 31 و40 سنة، أما الذين تتجاوز أعمارهم 40 سنة فيشكلون نسبة %23,08 من إجمالي الباعة ببلدية بومالن دادس. (شكل رقم: 1)
ومن هنا نسجل أن هذا النشاط يستقطب فئة عمرية جد شابة، يرتبط آمالهم ومستقبلهم بهذا القطاع، في غياب بديل آخر، ومن ثمة يجب الأخذ بعين الاعتبار طموح هؤلاء عند أية تسوية أو أي حل.
 ثانيا: أصول الباعة المتجولين





من حيث التصنيف حسب الأصل الجغرافي للباعة المتجولين، يتضح أن مركز المدينة كما يبين الشكل رقم (2)، يستقطب ما يقارب%53,85  من داخل الجماعة نفسها، و %46.15 من خارجها، لكن هذه الأرقام يمكن أن تتغير حسب الفصول، لأن موسم الشتاء يعرف تراجعا للباعة الأجانب. وبالتالي فإن هيكلة هذا القطاع يفرض الأخذ بعين الاعتبار أن نصف مستغلي الملك العام هم تجار أجانب.








ثالثا: غالبية الفراشة لم يتجاوزوا المستوى الإعدادي في التعليم
شكل رقم 3: المستوى الدراسي للفراشة

بحث ميداني: يناير 2014.
شكل رقم 4 : توزيع الفراشة حسب تواريخ ممارسة المهنة.

بحث ميداني: يناير 2014.

يظهر معطيات الشكل رقم (3)، أن نسبة %46.15 من الباعة المتجولين انقطعوا عن الدراسة في مستوى الإعدادي، و23.08% عند مستوى الثانوي، ونسبة%15,38  لم يتجاوزوا مستوى التعليم الابتدائي، في حين أن الذي لم يلجوا المدرسة قط، والذين وصلوا إلى مستوى الدراسة بالجامعة يشكلون نسبة ضعيفة، وهي على التوالي %7,69  و %7. ومن ثمة يمكن استنتاج أن هذا القطاع يتشكل من أشخاص متمدرسين بنسبة مهمة تصل إلى 92,41%، بمستويات تعليمية متنوعة، وأنه يستقطب ممارسين يتوفرون على شواهد جامعية.
رابعا: نصف الفراشة زاولوا هذه المهنة لأكثر من عشر سنوات
وعلى مستوى مدة ممارسة هذه المهنة، يلاحظ أن أزيد من نصف الباعة المتجولين زاولوا هذه المهنة لأكثر من عشر سنوات، ف 23.08% من الفئة المستجوبة بدأوا التعاطي للتجارة غير المموقعة قبل سنة 2000، في حين أن نسبة 38.46% بدأوها ما بين 2000 و 2005، و 33.77% خلال الفترة الممتدة بين 2006 و 2010، في حين أن 69,7% حديثي العهد بهذه التجارة، إذ راكموا مدة تقل عن أربع سنوات (شكل رقم: 4).
أما من حيث الاستمرارية في النشاط، نجد أن 53.85% يصنفون ضمن الممارسين الدائمين، و %46,15 ينقعطون أحيانا عن هذا النشاط، ونسجل ضمن هذه الفئة الأخيرة أن ما يناهز %66,67 منهم انقطعوا عن هذا العمل لمدة لا تزيد عن السنة، بينما %33,33 انقطعوا لأكثر من سنة، لدواعي متعددة ، منها التفرغ لمزوالة أنشطة موسمية أخرى (الفلاحة مثلا)، أو السفر أو لأسباب صحية كالمرض، وأحيانا نتيجة قلة الطلب على السلع المعروضة للبيع.
وبشكل عام، فغالبية الباعة أصبحوا مستقرين أو رسميين في مواقع معينة، وإن كانت عشوائية، لأن هذه التجارة أصبحت المورد الرئيسي لمعيشهم اليومي.
خامسا: البيع بالتجوال لا يلبي إلا حاجيات فئة قليلة من ممارسيها
صرح نحو %15,38


بحث ميداني: يناير 2014


 من الباعة المتجولين بمركز بومالن دادس، بكون هذه المهنة تلبي الحاجيات اليومية لأسرهم، كما أن %53,85 يعتبرونها تلبي حاجياتهم نوعا ما، في حين أن %30.77 هم اللذين يعتبرون هذه التجارة ثانوية ولا تلبي مختلف حاجياتهم. (شكل رقم:5)

شكل رقم 5: حجم تلبية المهنة لحاجيات الباعة المتجولين.

بحث ميداني: يناير 2014.
شكل رقم 6: طبيعة المشاكل التي يعاني منها الفراشة.

بحث ميداني: يناير 2014

يجد هذا الاختلاف في الآراء تفسيره في طبيعة المواد التي يعرضونها، فمن خلال المقابلة الميدانية يتضح أن غالبية الفئة التي كانت إجابتها بنعم، لا يداومون على بيع مواد محددة طيلة السنة، بل يتم استبدال بعضها أو كلها حسب تنافسية كل مادة وحسب حاجة المستهلكين إليها.   
سادسا: معاناة مركز المدينة بسبب عدم تنظيم قطاع التجارة


بحث ميداني: يناير 2014


يُعد الجانب التنظيمي أساسيا للتخفيف من حدة المشاكل التي ترتبط بالقطاعات غير المهيكلة مثل التجارة غير المموقعة التي يمارسها العديد من التجار، والذين يعتبر نصفهم  (%53,8) أن المشاكل التي يعانون منها مرتبطة أساسا بالجانب التنظيمي، نظرا لعدم توفر أماكن خاصة لعرض سلعهم، في حين ترى نسبة %23,8 منهم أن تدخلات السلطات المحلية هي أصل الإكراهات التي يعانون منها، من قبيل منعهم وتقييد حريتهم في ممارسة التجارة، أما نسبة  %15,4 فترى أن تنافسيتهم مع أصحاب المحلات التجارية في بيع المواد نفسها، وعدم تقبل هؤلاء لطبيعة المنافسة هي التي تذكي النعرات والملاسنات بين التجار، أما %7,7 فتعتبر أن الوضعية المادية وضيق المجال (السوق القديم وساحة المسجد) وضعف القدرة الشرائية لدى المواطنين هي التي لا تسمح في غالب الاحيان بمداومة البيع بالتجوال (شكل رقم:6).
ونشير إلى أن تجار بومالن دادس متكتلين في إطار جمعيتين: الاولى تضم التجار أصحاب المحلات، وتسمى "جمعية دادس للباعة"، والتي تأسست سنة 2005، والثانية للباعة المتجولين المعروفة "بجمعية الباعة والتضامن والسوق النموذجي للنتمية"، والتي تأسست سنة 2011. لكن وبشكل عام حسب ما أوردته الجمعيتين فليس هناك تواصل جدي بينها وبين المجلس البلدي، بل هناك صراع بين الجمعيتن يتعلق أساسا بالمنافسة ومعارضة الجمعية الأولى لاحتلال الملك العمومي من طرف جمعية الباعة المتجولين، مما يبرهن على خطورة وأهمية موضوع تدبير الفضاءات العمومية.
      من أجل تصحيح هذه الوضعية المختلة ورد الاعتبار للتجارة غير المهيكلة، لابد من الأخد بعين الاعتبار رأي المعنيين بالأمر من التجار أنفسهم، لكن الملاحظ أن اقتراحاتهم في هذا الشأن متباينة، بين:
- %38,5 تؤيد إنشاء مركز تجاري نموذجي؛
- %30,8 تطالب بناء محلات خاصة ذات موصفات معينة؛
- %23,1 تنادي فقط بتوفير فضاء مفتوح لهؤلاء التجار، وسيكون أقل تكلفة مقارنة بالمطالب الأخرى؛
- %7,7 تتوزع بين المطالبة بتحديد مكان مخصص لهذه الفئة مع توفير الدعم المادي لها، وبين مطالب بإنجاز مشاريع ذات المنفعة الشاملة، وتستهدف بشكل مباشر تنمية الوضعية الاجتماعية لهذه الشريحة من المجتمع.
5- الفوضى القطاعية وعلاقتها بالاختلالات المجالية
أمام التزايد السكاني الملحوظ ببومالن دادس، الذي تقابله محدودية الطاقة الاستيعابية للنشاط التجاري بمركز المدينة (السوق القديم) حيث انعدام المحلات التجارية الكافية لإيواء كل التجار والمهنيين، ثم اختفاء الأرصفة جراء احتلالها الدائم بفعل استلاء المشيدين على جزء من الملك العام... تشكل مجال حضري مُشوّه، يتسم بمظاهر سلبية تؤثر مباشرة على الاقتصاد المحلي.
1.5- أثر الفوضى القطاعية على أصحاب المحلات التجارية
يعتبر التجار أصحاب المحلات -رغم وضعيتهم القانونية- أول المتضررين من فوضى القطاع التجاري، ومن يتكبد خسائرها بشكل مباشر، نتيجة:
- غياب هيكلة قطاعية لتنظيم التجارة؛
- سيادة منافسة غير متكافئة مع الباعة المتجولين، بفعل الأثمنة غير الموحدة (تجار الشاحنات مثلا...)؛
- الرسوم الضريبية لا تأخذ بعين الاعتبار مستوى الرواج التجاري، بحيث إن المراكز الحضرية الصغرى والناشئة خاصة في المناطق الهامشية كبومالن دادس تعاني من ارتفاع هذه الرسوم؛
-  صعوبة الولوجية إلى الكثير من المحلات التجارية نتيجة اختناق حركة المرور.
2.5- تكرار اختناق حركة المرور بالشوارع وسط المدينة
    تم بناء الطريق الوطنية رقم 10 سنة 1960 لتربط بين مدينتي ورزازات والراشدية، وتعد من أهم الطرق الرئيسية بجنوب الأطلس الكبير الأوسط، وهي الممر الوحيد الذي يربط جهة سوس ماسة درعة بجهة مكناس تافيلالت، مما جعلها تعرف حركة تنقل مهمة لعدد من السيارات وعربات النقل والحافلات. وفي ظل غياب محاور جانبية أو طرق دائرية حول مدينة بومالن دادس، فإن جميع مستعملي هذا المحور الطرقي يضطرون إلى المرور وسط المدينة عبر شارع محمد الخامس، الذي يعاني أصلا من الضيق جراء احتلال رصيفه من قبل التجار وأصحاب المقاهي، ووجود مواقف السيارات بجنباته، ونظرا لهذا الضغط الشديد تختنق حركة السير والجولان بكيفية متكررة.
كما أن شارع المرابطين الذي يتقاطع مع شارع محمد الخامس بمركز المدينة يعرف هو الآخر اختناقات متكررة خلال فترة الذروة، نظرا لخصوصيته كمحور يربط وسط المدينة بعدة أحياء (دواوير مُدمجة داخل المجال الحضري)، واحتوائه على العديد من المحلات التجارية (سوق ممتاز...) والخدماتية (الحمام، المطحنة، النادي النسوي...) والصحية (المركز الصحي والعيادة الطبية...)، نهيك عن احتلال رصيفه بشكل شبه كلي نظرا لتوسع المباني على حسابه، الأمر الذي جعل منه محورا غير قادر على استيعاب حركة المرور.
ورغم حجم المشاكل الناتجة عن احتلال الملك العمومي بالمحورين السالفي الذكر، فلم يتم بعد إيجاد السبل الكفيلة لتخفيف هذه المعضلة، رغم إمكانية تحقيق ذلك بإنجاز منافذ جديدة كالمحاور الطرقية الدائرية حول المركز، من جهة الشمال (مثلا إعادة إنشاء قنطرة أيت عبد الرحيم التي جرفتها المياه) أو من جهة الجنوب بإنجاز محور طرقي على الضفة اليسرى لواد دادس على غرار محور الضفة اليمنى (الطريق الوطنية رقم 10). 

يتبع ....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Post Top Ad